Friday, August 24, 2012

ستو و جدو.. وحشتوني


كنت دائما حانقه – أثناء طفولتي - ان أمي و أبي اصغر اشقاءهما, و هذا بالنسبة لي يعني إلى انني حرمت من كل جدودي في سن صغيره جدا, و اخرهم كان جدي لأمي, الذي توفي وانا في السادسه من العمر.
اعشق جدودي.. كنت أتمنى ان احظي بوقت اكثر في رفقتهم.. لكن لله في خلقه شئون و حكم..

احب جدتي لأبي, التي ربت أبي و اشقائه بشق الأنفس بعد ان مات والدهم "زوجها".. أحب كيف يقول لي الكثير اني اشبهها في تصرفات عديدة.. احب انني عندما اذهب لمسقط رأس ابي في الدقهلية , أجد أهل القرية يتذكرونها بعد  سنوات طويل, و يشيدون بـ اخلاقها و كرمها, و ترحيبها بالجميع..

أحب جدي لأبي, "رغم انني لم اره" احب حكايات ابي عنه و عن اصطحابه لهم لكتاب القرية لحفظ القرآن.. احب طيبته التي ورثها منه أبي "رغم عصبيته".

احب جدتي لأمي, التي عاشت  و تربت يتيمه, و قام على تربيتها خالها, فقررت أن تنجب الكثير من الأبناء حتى تشعر" بالعزوه".. فأنجبت ثلاثة ابناء, و خمس بنات, أمي اصغرهم جميعا..
أحب أن يدي
تشبه يدها.. و مشيتي تشبه مشيتها.. أحب ان الفتيات اللاتي كن يساعدنها في اعمال المنزل يتذكرونها بكل خير في جميع الاوقات.. احب سيرتها الطيبة العطره التي تمتد حتى اليوم , بعد 20 عاما على رحيلها..
أحب كيف
ربت ابنائها الثمانية على الطيبة المفرطه, و الأخلاق و القيم.. حتى ان البعض الآن يصفوهم ب"العبط" .. حتى أنهم جميعا  قلبوا حياتهم رأسا على عقب, و حرموا نفسهم من الخروج و المصيف, حتى يراعوا اخيهم الاكبر في مرضه, الذي لا يرجى الشفاء منه, و هو حتى لا يعلم بوجودهم, و لا و لن يشعر بتضحياتهم, و لن يشكرهم..
أحب ان
علاقتي الأولى بالمطبخ, كانت محاولات عمل وصفاتها الشهية, المتوارثه عبر الاجيال, و التي ما زالت أساس كل شيء اطبخه.

أحب جدي لأمي, آخر جدودي رحيلا.. و اكثر شخص فيهم أتذكره.. أتذكر يوم وفاته كأنه البارحه, كان قد وصلني للمدرسه صباحا, ثم عدت للمنزل بعد الدوام, لأجد المنزل ممتلئ بـأناس كثيرين لا اعرفهم.. يتشحون بسواد داكن, و أصوات بكاءهم مكتومه.. حاولت ان استفسر من هؤلاء, و اين جدي.. لم يرد أحد عليَّ.. ففهمت بعدهـا انه رحل عن دنيانا.. رحل يوم 21 مارس ,في عيد الأم ذهبت اجمل هدية لجدتي لتؤنس وحشتها..

احبهم جميعا.. وافتقد حنانهم .. و اسال الله ان يجمعني بهم في أعلى عليين J

Tuesday, February 7, 2012

ست البنات ..

ست البنات كلمة كثر استخدامها  مؤخرا.. و عند بداية استخدامها كنا نعني بها تلك الفتاه المصريه التي عراها -للاسف - جنود الجيش المصري .. و عرت هي حقيقتهم للعالم ..

لكن الآن,  كلمة ست البنات بالنسبة لي , لم تعد تقتصر على تلك البنت فقط  -مع التأكيد إنها ست البنات برضه-.

ست البنات هي كل بنت وقفت في محمد محمود, أو عند مجلس الوزرا عند الخطوط الأمامية تحت خط النار لتسعف الشباب من آثار الغاز..
ست البنات  هي كل بنت قررت أن تقف ضد الظلم بكل ما تملك "بما تعنيه الكلمه", فمنهن التي ضحت بفرح كانت بتحلم بيه طوال عمرها.. و منهن التي ضحت بتأجيل احلامها الشخصيه.. و منهن اللي ارتضت أن تخسر عملها في سبيل قضيتها ..

ست البنات هي كل بنت تحمل في حقيبتها خميره و خل و كمامات, في الوقت الذي تحمل فيه زميلاتها روج و مرآه..
ست البنات هي كل بنت تسعى لرفع الظلم عن المظلومين.. فمنهن التي تعمل على حرية المعتقلين ظلما و قهرا في سجون العسكر.. و منهن التي تعمل على تطييب جروح المصابين ..
ست البنات هي كل بنت تجدها دائما عند المشرحه في حالة سقوط/ صعود أي شهيد, فتجدها تقبل يديَّ أم الشهيد.. و تربت على اكتاف اخوته.. و تسقي والده ماءا..
ست البنات هي كل بنت تضحي بأمانها و تنزل إلى الشارع لتصور جرائم النظام لتفضحه.. فمنهن التي أصيبت و منهن التي ألقي القبض عليها.. و اخرى تم سحلها و اخرى كسروا لها كاميرتها ..
ست البنات هي كل طبيبه شابه تقضي ليلها في المستشفى الميداني, مع تمام عملها انه مستهدف للضرب و الإعتقال, و ان الضرب دائما ما يشتد في ساعات الليل المتأخره ..

ست البنات هي منى و سلمى و سحر و نازلي و رناء و منى و منة و داليا و منن و نسمه و ياسمينا .. و .. و ..

و أخريات لم نعرفهن.. و أخريات لن نعرفهن.. لكن يكفيني معرفة وجودهن في الدنيا لأشعر بالأمان.. و لأشعر بالسعاده والاطمئنان لمعرفتي انني إذا مت, "شهيده أو لا" , فإنهن هنا..  سأكون سعيده إنني أموت و أترك هؤلاء ورائي..  سيكملون المسيره.. و يحققون الأحلام ..

Sunday, January 15, 2012

أفراح

امبارح كان فرح بنت خالي.. 
كنا أصحاب قوي واحنا صغيرين, بس دلوقتي احنا مش قريبين قوي من بعض للأسف..

أي حد يعرفني كويس , يعرف إني بحب الأفراح قوي .. و دايما أما بحب حد "حتى لو احنا مش قريبين " ببقى نفسي اتعزم على فرحه / فرحها .. و بفضل افكر في شكلهم في الزفه, في الكوشة, طب شكل أول طفل ليهم.. بسرح قوي بخيالي .. :)
بحب أشوف اللي بحبهم فرحانين.. كمان فكرة الجواز بتطمني "بشكل ما" على اللي بحبهم "ولاد أو بنات" بحس إن بقى لهم حد يتسندوا عليه في الدنيا..  كمان الجواز بالنسبالي احتفال بالعلاقه و الcommitment, و تعهد ضمني إن الإتنين دول هيفضلوا جنب بعض.. مهما الدنيا تعمل فيهم, و مهما الايام تشيلهم و تحطهم .. مهما حصل من الاخر  "المفروض يعني "

بس مؤخرا, الفكره اللي بقت تسيطر عليَّه في الأفراح هي, يا ترى هشوف فلانه و هي بتتجوز ؟؟ يا ترى هقدر "أمشي" في زفتها .. يا ترى "هشوفها" بالفستان الأبيض ؟؟
والفكره التانيه المسيطره عليَّه هي, يا ترى هقدر أرجع  في يوم افرح من قلبي من غير ما أحس بوجع بعدها ؟؟ هقدر أفرح لبنت خالي من غير ما افكر في الشهيد احمد صالح مثلا و يوم جنازته, و اد إيه أمه كان نفسها تفرح بيه ؟؟ هقدر ابقى متحمسه لفرح واحده من اعز أصحابي من غير ما آخر يوم للشهيد محمد مصطفى على الأرض يفضل يدور في بالي ؟؟
معنديش إجابة للسؤال ده دلوقتي.. و يمكن موصلش لاجابه طول عمري.. بس الأكيد, إني قلبي هيوجعني أقل, أما اجيب حقهم, أو أموت زيهم و اطلع فوق معاهم و اسيبكم تكملوا المشوار .. :)







Friday, January 6, 2012

هيما..

  • عن خالي الحبيب أتحدث , أبي بعد أبي ..

    إنه في مكان لا استطيع ان أكون معه فيه .. ولا يستطيع هو ان يكون معي ..
    لن نستطيع ان نتحدث عن مستقبلي, و أحلامي و تطلعاتي
    لن تكون معي يوم زفافي فيوصي عريسي بي خيرا , ويتوعده بالويل إذا ما اغضبني يوما ..
    لن يكون معي يوم استلامي لشهادة الماجستير أو الدكتوراه ليقول لي "كنت دائما اتطلع لهذا اليوم" , ويفخر بي على فخره ..
    لن يكون معي يوم ولادة طفلي الاول , فـيحمله كما حملني , و يدللة كما دللني..
    لن يكون حاضرا بعد اليوم ليغيظني "مزاحا" بسبب زيادة وزني , ويحثني على فقد بعضه حفاظا على صحتي , حتى أنا كنا نمارس المشي سويا أحيانا ..لن يعطيني نقود "بدون علم ابي و امي " حتى "ادلع" نفسي على حد تعبيره ..
    لن يستطيع ان يقول لي "اذهبي وافعلي كذا و كذا ولاتكترثي بحديث أحد ," على أي حلم من احلامي الشاردة , والمجنونة أحيانا ..
     
    لا لا .. إنه لم يمت .. بارك الله في عمره, إنه هنا وليس هنا .. لا يعلم بوجودنا .. انه مصاب ب"الزهايمر" !!!!

Saturday, December 31, 2011

سأظل انسانه ..

منذ بداية الثوره, رأيت العديد من الشهداء, و تلطخت ملابسي بدم بعضهم الطاهر, و اغرقت ملابسي دموع أمهاتهم ..
من أكثر المواقف ايلاما في الحياه أن تكون بجوار أم سمعت لتوها ان فلذة كبدها قد فارق دنيانا .. و أن تكون بجوارها و هي تمر بمراحل الحزن الخمسه في دقائق معدوده .. أولا تنكر حقيقة موت ابنها "لأ لأ, ابني مكانش في التحرير, أكيد تشابه اسماء ".. ثم تغضب, "حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا مشير.. والله ما هسيب حق ابني .. ربنا يوريك في عيالك " .. ثم المساومه "طب خدني أنا يا رب و سيبه هو, نفسي افرح بيك يا حبيبي ".. ثم الإكتئاب "طب أنا هعيش بعده ليه, ده أنا ماليش غيره, ادفنوني معاه.. ثم المرحله الاخيره من مراحل الحزن, التقبل !! إلا ان هذه المرحله غالبا ما تتأخر لحين لحظة خروج الجثمان من المشرحه في طريقه للجنازه ثم القبر ..
مواقف عصيبه ..
و بحكم عملي على ملف المصابين, أري العديد من الأمهات الثكالي.. منهن من أصيب ابنها بالشلل , و منهن من فقد ابنها بصره للأبد.. و منهن من اجرى ابنها اكثر من عشر عمليات جراحيه للسيطره على الضرر الذي سبته الرصاصة الطائشه التي خرجت من بندقية احدهم بدم بارد .. و كل ما نستطيعه, هو مساعدتهم على قدر الإمكان.. و البقاء إلى جوارهم ليجدوا من يتكأوا عليه إذا زاد الحمل على قدرتهم على الإحتمال..
مواقف صعبه للغايه.. كل من حضر موقف من هذه الموقف يعرف تماما صعوبتها ..
لكني مؤخرا وجدت بعض زملائي من مرتادي المستشفيات و المشارح يقولون "إنتي لسه متعودتيش .. ما خلاص اتعودنا, بقينا نطلع من المشرحه على الكافيه عادي"
تعجبت موقفهم في البدايه, ثم وجدت نفسي اصرخ بداخلي, لأ !!!!!!
لا, لن اعتاد منظر الدماء التي تملأ الاسفلت ..لن اعتاد على منظر الشهداء مفقوعي الأعين مخرومي الرؤوس.. لن اعتاد على ملابسي الملطخه بدمائهم الذكيه ..
لن اعتاد على مشهد المصابين الراقدين في المشفى و موصل بأجسادهم العديد من الخراطيم و الأسلاك, بعد ان كانوا يملئون الدنيا أمل و سعاده ..
أدرك تماما ان عدم الإعتياد على تلك المشاهد, و معايشتها كل مره كأنها الأولى, مرهق نفسيا للغايه .. لكنني بشر, و هكذا خلقني الله ..
سأظل أبكي كل شهيد أراه, و احتضن أمه و أبكي معها .. سأظل اشعر بألم المصابين, و وجع قلب أمهاتهم عليهم .. سأظل أضع نفسي مكان اخوه الشهداء, الذين لا يستطيعون حضور دفنه لعدم تصديقهم وفاته .. و أضع نفسي مكان اخوة المصابين الذين لا يستطيعون زيارته لانهم لا يريدون رؤيته و قد ضعف تشبث جسده بالحياه, و اصبح جل ما يربطه بها هو بعض الأسلاك والخراطيم ..
سأتألم مع أم كل شهيد أراها.. و سأبتسم معها يوم ان يهدأ قلبها لعلمها انه في مكان افضل .. و سأقلق مع أم كل مصاب يهرعون بابنها إلى غرفة العمليات ليحاولوا انقاذه , ثم سأملأ الدنيا معها صراخا و فرحا, و ازغرد معها يوم خروجه من المشفى ..

هكذا كنت دائما .. و هكذا سأظل.. انسانه !!!

Thursday, December 29, 2011

الأول, كلاكيت خامس مره !!

دي تقريبا المره الخامسه اللي انشئ فيها مدونه الكترونيه, كل مره بكتب فيها شويه, بعدين ابطل, بعدين انساها , بعدين أنسى اسمها و معلومات الدخول عليها .. و بعد فتره أعمل واحده جديده.. يحصل فيها نفس الحاجة .. و هلم جرا !!

طول عمري بحب أكتب على ورق, و اقرا على ورق, مش بحب اليكترونيه كل حاجة كده .. و عندي دفتر قصاصات بقاله سنين, بس الوانه بدأت تبهت, و تفاصيله بدأت تروح .. و عايزه افتكره, و بحب أفتكر كل التفاصيل والمشاعر الإنسانيه اللي مريت بيها, كل حاجة منهم غيرت فيه حاجة خلتني الشخص الموجود دلوقتي ده .. فقلت مابدهاش .. المدونه الخامسه أهِه .. هحاول افضل على إتصال بيها ..

في الاول و في الاخر, أنا بكلم نفسي .. و كلنا بنكلم نفسنا على فكره, بس اغلبنا بيسكت أول ماحد يدخل علينا.. غريبه قوي الحكايه دي :)