منذ بداية الثوره, رأيت العديد من الشهداء, و تلطخت ملابسي بدم بعضهم الطاهر, و اغرقت ملابسي دموع أمهاتهم ..
من أكثر المواقف ايلاما في الحياه أن تكون بجوار أم سمعت لتوها ان فلذة كبدها قد فارق دنيانا .. و أن تكون بجوارها و هي تمر بمراحل الحزن الخمسه في دقائق معدوده .. أولا تنكر حقيقة موت ابنها "لأ لأ, ابني مكانش في التحرير, أكيد تشابه اسماء ".. ثم تغضب, "حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا مشير.. والله ما هسيب حق ابني .. ربنا يوريك في عيالك " .. ثم المساومه "طب خدني أنا يا رب و سيبه هو, نفسي افرح بيك يا حبيبي ".. ثم الإكتئاب "طب أنا هعيش بعده ليه, ده أنا ماليش غيره, ادفنوني معاه.. ثم المرحله الاخيره من مراحل الحزن, التقبل !! إلا ان هذه المرحله غالبا ما تتأخر لحين لحظة خروج الجثمان من المشرحه في طريقه للجنازه ثم القبر ..
مواقف عصيبه ..
و بحكم عملي على ملف المصابين, أري العديد من الأمهات الثكالي.. منهن من أصيب ابنها بالشلل , و منهن من فقد ابنها بصره للأبد.. و منهن من اجرى ابنها اكثر من عشر عمليات جراحيه للسيطره على الضرر الذي سبته الرصاصة الطائشه التي خرجت من بندقية احدهم بدم بارد .. و كل ما نستطيعه, هو مساعدتهم على قدر الإمكان.. و البقاء إلى جوارهم ليجدوا من يتكأوا عليه إذا زاد الحمل على قدرتهم على الإحتمال..
مواقف صعبه للغايه.. كل من حضر موقف من هذه الموقف يعرف تماما صعوبتها ..
لكني مؤخرا وجدت بعض زملائي من مرتادي المستشفيات و المشارح يقولون "إنتي لسه متعودتيش .. ما خلاص اتعودنا, بقينا نطلع من المشرحه على الكافيه عادي"
تعجبت موقفهم في البدايه, ثم وجدت نفسي اصرخ بداخلي, لأ !!!!!!
لا, لن اعتاد منظر الدماء التي تملأ الاسفلت ..لن اعتاد على منظر الشهداء مفقوعي الأعين مخرومي الرؤوس.. لن اعتاد على ملابسي الملطخه بدمائهم الذكيه ..
لن اعتاد على مشهد المصابين الراقدين في المشفى و موصل بأجسادهم العديد من الخراطيم و الأسلاك, بعد ان كانوا يملئون الدنيا أمل و سعاده ..
أدرك تماما ان عدم الإعتياد على تلك المشاهد, و معايشتها كل مره كأنها الأولى, مرهق نفسيا للغايه .. لكنني بشر, و هكذا خلقني الله ..
سأظل أبكي كل شهيد أراه, و احتضن أمه و أبكي معها .. سأظل اشعر بألم المصابين, و وجع قلب أمهاتهم عليهم .. سأظل أضع نفسي مكان اخوه الشهداء, الذين لا يستطيعون حضور دفنه لعدم تصديقهم وفاته .. و أضع نفسي مكان اخوة المصابين الذين لا يستطيعون زيارته لانهم لا يريدون رؤيته و قد ضعف تشبث جسده بالحياه, و اصبح جل ما يربطه بها هو بعض الأسلاك والخراطيم ..
سأتألم مع أم كل شهيد أراها.. و سأبتسم معها يوم ان يهدأ قلبها لعلمها انه في مكان افضل .. و سأقلق مع أم كل مصاب يهرعون بابنها إلى غرفة العمليات ليحاولوا انقاذه , ثم سأملأ الدنيا معها صراخا و فرحا, و ازغرد معها يوم خروجه من المشفى ..
هكذا كنت دائما .. و هكذا سأظل.. انسانه !!!
من أكثر المواقف ايلاما في الحياه أن تكون بجوار أم سمعت لتوها ان فلذة كبدها قد فارق دنيانا .. و أن تكون بجوارها و هي تمر بمراحل الحزن الخمسه في دقائق معدوده .. أولا تنكر حقيقة موت ابنها "لأ لأ, ابني مكانش في التحرير, أكيد تشابه اسماء ".. ثم تغضب, "حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا مشير.. والله ما هسيب حق ابني .. ربنا يوريك في عيالك " .. ثم المساومه "طب خدني أنا يا رب و سيبه هو, نفسي افرح بيك يا حبيبي ".. ثم الإكتئاب "طب أنا هعيش بعده ليه, ده أنا ماليش غيره, ادفنوني معاه.. ثم المرحله الاخيره من مراحل الحزن, التقبل !! إلا ان هذه المرحله غالبا ما تتأخر لحين لحظة خروج الجثمان من المشرحه في طريقه للجنازه ثم القبر ..
مواقف عصيبه ..
و بحكم عملي على ملف المصابين, أري العديد من الأمهات الثكالي.. منهن من أصيب ابنها بالشلل , و منهن من فقد ابنها بصره للأبد.. و منهن من اجرى ابنها اكثر من عشر عمليات جراحيه للسيطره على الضرر الذي سبته الرصاصة الطائشه التي خرجت من بندقية احدهم بدم بارد .. و كل ما نستطيعه, هو مساعدتهم على قدر الإمكان.. و البقاء إلى جوارهم ليجدوا من يتكأوا عليه إذا زاد الحمل على قدرتهم على الإحتمال..
مواقف صعبه للغايه.. كل من حضر موقف من هذه الموقف يعرف تماما صعوبتها ..
لكني مؤخرا وجدت بعض زملائي من مرتادي المستشفيات و المشارح يقولون "إنتي لسه متعودتيش .. ما خلاص اتعودنا, بقينا نطلع من المشرحه على الكافيه عادي"
تعجبت موقفهم في البدايه, ثم وجدت نفسي اصرخ بداخلي, لأ !!!!!!
لا, لن اعتاد منظر الدماء التي تملأ الاسفلت ..لن اعتاد على منظر الشهداء مفقوعي الأعين مخرومي الرؤوس.. لن اعتاد على ملابسي الملطخه بدمائهم الذكيه ..
لن اعتاد على مشهد المصابين الراقدين في المشفى و موصل بأجسادهم العديد من الخراطيم و الأسلاك, بعد ان كانوا يملئون الدنيا أمل و سعاده ..
أدرك تماما ان عدم الإعتياد على تلك المشاهد, و معايشتها كل مره كأنها الأولى, مرهق نفسيا للغايه .. لكنني بشر, و هكذا خلقني الله ..
سأظل أبكي كل شهيد أراه, و احتضن أمه و أبكي معها .. سأظل اشعر بألم المصابين, و وجع قلب أمهاتهم عليهم .. سأظل أضع نفسي مكان اخوه الشهداء, الذين لا يستطيعون حضور دفنه لعدم تصديقهم وفاته .. و أضع نفسي مكان اخوة المصابين الذين لا يستطيعون زيارته لانهم لا يريدون رؤيته و قد ضعف تشبث جسده بالحياه, و اصبح جل ما يربطه بها هو بعض الأسلاك والخراطيم ..
سأتألم مع أم كل شهيد أراها.. و سأبتسم معها يوم ان يهدأ قلبها لعلمها انه في مكان افضل .. و سأقلق مع أم كل مصاب يهرعون بابنها إلى غرفة العمليات ليحاولوا انقاذه , ثم سأملأ الدنيا معها صراخا و فرحا, و ازغرد معها يوم خروجه من المشفى ..
هكذا كنت دائما .. و هكذا سأظل.. انسانه !!!